في الوقت الذي حقق فيه استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي انتشاراً غير مسبوق، يتفاوت الإقبال عليه بشكل كبير بين البلدان اعتماداً على مستوياتها الإنمائية. فمع نهاية مارس/آذار 2024، وصل تشات جي بي تي إلى المستخدمين في 209 بلداً، مما أظهر انتشاره المثير للإعجاب على مستوى العالم. غير أن هذا الانتشار لم يخل من التحديات، حيث لا تزال الفجوة الرقمية المستمرة واضحة.
تمثل البلدان منخفضة الدخل أقل من 1% من مستخدمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يبرز المعوقات التي تواجهها هذه البلدان في الوصول إلى هذه التكنولوجيا والاستفادة منها. وفي المقابل، برزت البلدان متوسطة الدخل بشكل كبير وغير متوقع في التفاعل مع ظاهرة الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث هيمنت على المشهد من خلال استحواذها على نصف إجمالي عدد مستخدمي برنامج تشات جي بي تي. ومن اللافت للنظر أنه في غضون ستة أشهر فقط من إصدار هذا البرنامج، تجاوز عدد مستخدميه في البلدان متوسطة الدخل نظيره في البلدان مرتفعة الدخل. وهناك عدد من البلدان مثل الهند والبرازيل والفلبين وإندونيسيا التي تُظهر معدلاتٍ عالية من اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي عند مقارنتها بإجمالي الناتج المحلي واستهلاك الكهرباء ومعدل استخدام محركات البحث
تاثير الذكاء الصطناعي على سوق العمل
ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤثر كذلك على عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة داخل البلدان. وقد نرى استقطابا ضمن شرائح الدخل، فنجد العاملين القادرين على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي يحققون إنتاجية أكبر ودخلا أعلى – بينما يتخلف من ليس في وسعه ذلك عن الركب. وتبين البحوث* أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد العاملين الأقل خبرة على تعزيز إنتاجيتهم بوتيرة أسرع. وقد يجد العاملون الأصغر سنا سهولة أكبر في الاستفادة من الفرص التي يتيحها، بينما العاملون الأكبر سنا قد يعانون سعيا للتكيف معه.
والتأثير على الدخل من العمل سوف يعتمد كثيرا على مدى تكملة الذكاء الاصطناعي لدور العاملين أصحاب الدخل المرتفع. وإذا كان الذكاء الاصطناعي يكمل دور العاملين ذوي الدخل الأعلى بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع غير متناسب في دخلهم من العمل. وفضلا على ذلك، فإن مكاسب الإنتاجية في الشركات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي من المرجح أن تزيد عائداتها الرأسمالية، التي قد تصب كذلك في صالح أصحاب الدخل المرتفع. ويمكن أن تفضي هاتان الظاهرتان إلى تفاقم عدم المساواة.
وترجح معظم السيناريوهات أن الذكاء الاصطناعي سيفضي إلى تفاقم عدم المساواة، وهو اتجاه مثير للقلق يجب على صناع السياسات معالجته بشكل استباقي للحيلولة دون تأجيج هذه التكنولوجيا لمزيد من التوترات الاجتماعية. ومن الضروري أن تقوم البلدان بتأسيس شبكات أمان اجتماعي شاملة وأن تقدم برامج لإعادة تدريب العاملين المعرضين للمخاطر. ومن ثم، يمكننا أن نجعل التحول نحو الذكاء الاصطناعي أكثر شمولا للجميع، مع حماية مصادر الرزق وكبح عدم المساواة.
عالم احتوائي مدفوع بالذكاء الاصطناعي
يجري العمل حاليا على إدماج الذكاء الاصطناعي ضمن أنشطة الأعمال في مختلف أنحاء العالم بسرعة ملموسة، وهو ما يؤكد ضرورة تحرك صناع السياسات.
ولمساعدة البلدان على صياغة السياسات السليمة، أنشأ صندوق النقد الدولي "مؤشر الجاهزية للذكاء الاصطناعي" الذي يقيس مدى الاستعدادات في مجالات مثل البنية التحتية الرقمية، وسياسات رأس المال البشري وسوق العمل، والابتكار والتكامل الاقتصادي، والتنظيم والقواعد الأخلاقية.
فعنصر سياسات رأس المال البشري وسوق العمل، على سبيل المثال، يُقَيِّمُ عناصر مثل سنوات الدراسة وحرية التنقل في سوق العمل، وكذلك نسبة السكان الذين تغطيهم شبكات الأمان الاجتماعي. ويُعنى عنصر التنظيم والقواعد الأخلاقية بتقييم القدرة على التكيف مع نماذج العمل الرقمية في الإطار القانوني لبلد ما ووجود حوكمة قوية للإنفاذ الفعال.
وباستخدام هذا المؤشر، أجرى خبراء الصندوق تقييما لمدى جاهزية 125 بلدا. ويتبين من نتائج التقييم أن الاقتصادات الأغنى، بما فيها الاقتصادات المتقدمة وبعض اقتصادات الأسواق الصاعدة، مجهزة على الأغلب بشكل أفضل لاعتماد الذكاء الاصطناعي مقارنة بالبلدان منخفضة الدخل، وإن كان هناك تباين كبير على مستوى البلدان. فقد حصلت سنغافورة والولايات المتحدة والدانمرك على أعلى الدرجات في المؤشر، بناء على النتائج القوية التي أحرزتها في كل الفئات الأربعة التي يتتبعها.
كما تشير الدراسات إلى أن حوالي خمسة عشر مليونا من البشر سوف يصبحون عاطلون عن العمل بسبب الذكاء الأصطناعي ولابد للدول التى اصبحت تستخدم الذكاء الأصطناعي على نطاق واسع أن تسن قوانين للحد من ذلك طبعا موريتانيا مازالت لا تستخدم الذكاء الصطناعي ومنطقتها فى جدول الذكاء الأصطناعي 00 فاصل 2