عندما تكون هناك تحديات عظيمة تهدد البلد من جميع الأتجاهات الأقتصادية والأجتماعية والثقافية والسياسية وحتى الإدارية والقضائية كيف نتعامل مع هذه التحديات القديمة والمتجددة ،هل نتعامل معها بدفن الرأس فى الرمال كما يعزى عن النعامة عندما يحاط بها ؟ أم أننا نواجه الأمر بجدية وصرامة ومسئولية ، نحن معشر الصحافة المهنية الجادة ليس لدينا سلطة نرفع بها هذه التحديات كان يقال أن الصحافة سلطة رابعة لكن ذلك فى زمن كانت فيه السلطات الأخرى تستمع لها وتتحاور معها وتتقابل معها من أجل توضيح المواقف ومعرفة الأتجاهات وتحديد المسئوليات ووضع الأصبع على مكمن الداء لكي يتسنى له العلاج الناجع أما اليوم فقد إختلط الحابل بالنابل واصبحت الصحافة الجادة محاربة من طرف الأنظمة فى الوجود فضلا عن حرمانها من وسائل العمل عن طريق تجفيف منابع السيولة المالية التى تمكن الصحافة من الأستمرار فلا يمكن أن يتم عمل دون مال ونحن معشر الصحفيين خدمنا هذه المهنة منذ تسعينيات القرن الماضي بوسائلنا الخاصة الحدودة دون مال والسوق الموريتاني ليس مثل أي سوق آخر فى العالم فلا توجد إعلانات ولا أشتراكات ورجال الأعمال يحصلون على رجولة الأعمال عن طريق التقرب من الأنظمة ورشوة المسئولين وخدمة من يتولون منافذ البلاد من جمارك ومسئولين ولا يبنون أقتصادهم على الترويج ولا الإعلانات الصحفية كما يفعل امثالهم فى العالم ولا يمنحون الأشتراكات ولا الدعم للصحافة التى تمول فى الغالب فى العالم عن طريق رأس المال الخصوصي بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه الدول للصحافة فلا معنى لبلد بلا صحافة حرة جادة ولا صحافة حرة جادة بدون دعم مالي كبير من طرف الدولة ومن طرف رجال الأعمال الخصوصيين ، وهنا نشيد بما يقوم به رجل أعمال واحد فى بلدنا هو ولد تاج الدين رئيس بنك التجارة والصناعة الذي عادة ما يخرج صدقة سنوية يعطي للصحافة منها نصيب ولو قليلا جدا لكنه بدون مقابل وبلا من ولا أذى وإن كان أغلبه يذهب إلى أدعياء المهنة فالبنك غير معنى بفرز من هم صحافة جادة مهنية ممن ليسوا كذلك وله الحق فى ذلك فهذا من عمل الدولة وليس من أختصاص رجال الأعمال ، كذلك فإن العشرية الماضية التى حارب فيها النظام الحاكم الصحافة الجادة قام بالترخيص لجيش من أدعياء المهنة من أجل تمييع الحقل والقضاء على جدية الصحافة وعلى مهنيتها عن طريق عدم المصداقية وخلط الأوراق فضلا عن الحصار الأقتصادي وتجفيف منابع المال أمام الصحافة الجادة وفتح الباب على مصرعيه لجيوش الأدعياء وتغذيتهم عن طريق التسول ونشر الأخبار الكاذبة حتى يفقد الناس الثقة بشيء إسمه الصحافة وبالتالي يكون النظام قد ضرب الصحافة المهنية بعدم المصداقية عن طريق التمييع كما ضربها بمنع التمويل بالوسائل التى تمول بها الصحافة فى العالم ثم إن الصحفيين الموريتانيين الجادين قليلون والموجود منهم غير موحد وكل واحد منهم يكره الآخر ويتمنى القضاء عليه كما هو حال الصحافة الرسمية فى الإذاعة والتلفزة الحكومية والوكالة لذا قام النظام بتنزيل مديرين مظليا من خارج القطاع لقيادة هذه المؤسسات الصحفية الرسمية العاجزة حتى الآن أن تدير نفسها بنفسها كما أنها عاجزة عن إصلاح نفسها وتحويلها من صحافة رسمية ناطقة بأسم النظام الحاكم على صحافة عمومية مهنية تخدم البلد وتساهم فى التنمية الأقتصادية والأجتماعية والثقافية دون أنحياز ودون محاباة ، وليس الحقل الإعلامي فى البلد هو الخاسر والفاسد وحده فجميع القطاعات فى موريتانيا بحاجة إلى إصلاحات جذرية عميقة