الفقر ظاهرة عالمية تنجم عن خلل بنيوي فى المنظومة الأقتصادية للبلد من الناحية العلمية ، ولا نتكلم هنا عن الفقر الخاص بالجوانب الدينية كعدم تعاطي الأسباب والأبتلاء والعجز عن الإنتاج والتحصيل والزهد إلى غير ذلك إنما نتكلم عن أسباب فقر الدول وعلاجه كمنظومة مجتمعية وهو ما قلنا أنه ينجم عن خلل بنيوي فى المنظومة الأقتصادية للبلد ، تعريف الفقر لغويا ؟ فهو مشتق من فقرات ظهر البعير عندما يكون هزيلا يطلق عليه لفظ بعير فقير أي قد ظهرت فقرات ظهره من شدة الهزال ، أما حقيقة الفقر فهو أن يكون الشخص معدما ليس له شيء يعتاش عليه لاراتب ولا معاش ولا تجارة ولا زراعة ولا تنمية مواشي فهو بلا نشاط أقتصادي يدر له دخلا سواء كان عينيا او بضاعة وبناء على هذا فإن غالبية سكان بلدنا هم من هذه الفيئة
الأسباب :
عندما جاء الأستعمار إلى البلد كان الشعب عنده منظومة أقتصادية يعتاش عليها منذ قديم الأزمان تعتمد على رعي المواشي وزراعة النخيل والحبوب بالإضافة إلى النشاط التجاري البينى ومع البلدان والشعوب المجاورة فقام المستعمر بتأسيس دولة موريتاني على نمطه الأستعماري فجعل دخل الدولة خاص بالموظفين وليس فيه نصيب لأي فرد من سكان البلد وإنما على السكان أن يمدوا الدولة بمالديهم من إمكانات كالعشور والضرائب والمصادرات وضرائب العقوبات إلى غير ذلك ، وعندما جاء الأستقلال لم يغير قيد انملة مما كانت عليه إدارة المستعمر ، فى بداية سبعينيات القرن الماضي تغيرت الحياة الإكولوجية لدى السكان بفعل الجفاف وفقد الناس أسس الحياة المعيشية التى كانت عندهم منذ آلاف السنين فتكدسوا حول المدن للبحث عن الحياة الجديدة من غذاء ودواء وشغل يدر دخلا للقوت اليومي فقامت الدولة بدلا من أن تغير نظام المستعمر الذي لم يضع نصيبا من المال العام للناس بأن تسن قوانين جديد تشرك الناس فى المال العام بحيث لا يبقى حكرا على فيئة الموظفين وحدهم قامت بطلب الدول الأجنبية المساعدة الغذائية وراحت توزع تلك الإسعافات التى تصدقت بها البلدان الأجنبية على المتضررين من الجفاف الذين أصبحوا فقراء ثم استمر ذلك الحال حتى زمن ولد الطايع فقام بإلغاء تلك الحالة بدعوى أنها تمس بكرامة البلد ، وأنشأ مفوضية لمحاربة الفقر نظرا لسياسة الإدارة الموروثة عن المستعمر بنظمها وقوانينها فإن المبالغ التى كانت تخصصها ميزانية الدولة لمحاربة الفقر لا تتجاوز مخصصات الموظفين فى المفوضية المذكورة وبقي الفقراء بحالهم وظل الوضع يتفاقم والهوة تزداد بين الفيئة الغنية القليلة والغالبية الفقيرة فى البلد والتى تتضاعف كل عشر سنوات بضعفين أو ثلاثة الفقراء يلدون فقراء مثلهم وهكذا دون حلول ناجعة تاخذ فى الحسبان موضوع معالجة الخلل ومنع الغبن بين الناس ،
صورة عن مجرى الأقتصاد وكيفية تنقله ؟
إن الأقتصاد مثل مجرى الوادى ومن ليس لديه رافد من الوادى فلن يصل إليه شيء من السيل عبر المجرى يعني أن من كان على أطراف المجرى وليس لديهم روافد فهم محرومون من الأستفادة من السيولة ، وعبرت عن المجرى هنا بالحكومة والذين يحصلون على روافد هم من تجعل لهم الحكومة نصيب من الأقتصاد العام للبلد أما البقية فهي على أطراف المجرى الأقتصادي وبالتالي فهي محرومة
الحلول على الدولة أن تغير نظم إدارة المستعمر التى مازالت تعمل بها لحد الساعة وان تسن قوانين جديدة لإصلاح الإدارة تكون أقرب للمواطنين واقرب للعدل وابعد عن الظلم والغبن فالمال العام للجميع ولكل فرد حقه فيه وتغيير البلد القديمة والتى تحابي الأغنياء على الفقراء هو الخطوة الأولى نحو القضاء على ظاهرة الفقر فى البلد
الخلاصة
إن التخفيف من الأحتقان السياسي أمر مهم جدا لكن الذي يدمر البلدان هو الأحتقان الأقتصادي والمالي ، يقول أحد المجتهدين عجبت لمن لم يحصل على قوته كيف لا يخرج على السلطان شاهرا سيفه ، إن الأزمات الناجمة عن الظلم الغبن والحرمان هي التى عصفت ببلدان كثيرة ونحن الان نلاحظ أن الذين كانوا فقراء ما زالوا كذلك فقراء وان الذين كانوا مهمشين مازالوا كذلك مهمشين وإن الذين كانوا محرومين مازالوا لحد الساعة محرومين وأن مال البلد مازال يسير وفق قوانين المستعمر دولة بين الأغنياء والله المستعان
سيد ولد مولاي الزين الأمين العام لرابطة ابناء المقاومة الوطنية