فيا أنت زدني من حديثك إنه ــ حديث غريب كله وعجيب .. لحظات خارج إطار الزمن العادي تلك التي عشتها بالأمس في حضرة الشيخ الغني عن الأوصاف؛ محنض بابه ولد امين.
رجل تنصل من هذه الدنيا، وآثر الأخرى، تخفف من أحمال الفانية، وولى وجهه شطر الصفاء والبهاء، سابحا كان في ملكوت العلم، يطرح علي الأسئلة وهو العليم بها، ويستنشدني الشعر وهو جذيله المحكك.
كل شيء تراءى لي في تلك اللحظات في منزل الأسرة ب (الحي ف) يشع ضياء ونقاء.
جالسا كان يتحدث عن القربة إلى الله، وعلاقة العبد بربه، ويضرب على ذلك أمثلة بالحسانية؛ يحتاج معجمها القواميس، ويتطلب فهمها العلم اللدني.
اختفت بوصلة الزمن للحظات وتغير مداره؛ خلتها دقائق بيننا، ولكنهما ساعتان عندما خرج الشيخ، ورجعت إلى عالم المادة.
لقد قرر دون إذن منا الرحيل، طالبا مني أن أجيز هذين البيتين ببيت ثالث.
كان لا بد لي من كتابتهما وتبين المعاني والدلالات؛ عسى ولعل أن يسعف القول، أو أن تزور بنات عـبقـر:
يقول الشيخ -حفظه الله-:
أَنَا كَـــرَوَانٌ بَـيْــــنَ خَـيْــطِ نَعَــامِ ـــ أَوِ ابْـنُ لَـبُـــونٍ مَـعْ بَـــوَازِلِ عَــامِ
وَنَقْصِي تَعَامَى الْقَوْمُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ ـــ عَـمًى مِنْهُــمُ إِبْــــدَاؤُهُـــمْ لِــتَـعَــامِ
وقلت بعد كد للذهن، واستجداء للمفردات:
تَسَامَيْـتَ عَنْ طِينِ الْحَيَـاةِ، وَأَهْـلُهَا ـــ رَهِـيـنُــو شَرَابٍ - جُلُّهُمْ- وَطَعَـامِ