عند الكتابة عن حال الحكومة العزيزية أحتار من أين أبدأ فإضافة إلى أن بلادنا في أي تصنيف عالمي حول التعليم أو التنمية أو الابتكار… لا نجدها تحتل المراتب الأولى. سوى في نسبة الفساد وقمع حرية التعبير وبما أن ما صرنا إليه لا يخفى على أحد فلا فائدة من تعداد الأرقام والإحصائيات التي تثبته فهي متاحة للجميع .
يجب على الحاكم ( رئيس الجمهورية محمد عبد العزيز ) أن ينهض بشعبه علميا وثقافيا و زراعيا واجتماعيا إلى غير ذلك وإنما يتحقق ذلك بالاستعانة بأصحاب الخبرات الأمناء الناصحين في كل تخصص ،لتواكب الزيادة السكانية زيادة متوازية في موارد الدولة المتعددة في التعليم والبحث العلمي والصناعة والزراعة وغير ذلك؛ ليوفر لكل إنسان حياة كريمة يتحقق فيها الحد الأدنى الذي يحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته، ويصون أفراد المجتمع من البطالة التي تؤدى بهم إلى اليأس والإحباط، الذي يؤدي بدوره إلى فقدان الولاء والانتماء للبلد الذي أهملهم، فلم يوفر لهم حد الكفاية فضلًا عن العيش الكريم الذي يجعل الإنسان يعمل، بل ويبدع لمصلحة بلده الذي أكرمه، كما أن ذلك يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع، فكل يبحث لمشكلته عن حل، وقد يرى من لا عمل له الحل في ارتكاب الجرائم من سرقة أو رشوة أو تجسس على دولته لمصلحة العدو، أو غير ذلك من الجرائم التي تحقق له الثراء العاجل، وقد تحمله البطالة حملًا على الانتحار؛ لأنه لا يجد حاجته الضرورية فضلًا عن الحياة الكريمة، وفي الوقت نفسه يرى من يرتع في النعيم، وقد يكون أقل منه قدرة وذكاءً.
يجب على كل مسئول أن يحاسب من ولَّاهم أولًا بأول، فإن وجد عوجًا قوَّمه وأصلحه إن كان قابلًا للإصلاح، وإن لم ينصلح عزله بعد المحاسبة والجزاء، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون. ولا يجوز أن يترك الأخطاء تتراكم حتى تستعصي على العلاج، أو لا يبحث لها عن علاج أصلًا، إن عليه أن يربى فيهم روح المسئولية، فلا يترك أيديهم مطلقة في أمور الناس يفعلون ما يشاءون من ظلم وإفساد وتضييع لحقوق الناس؛ لانشغالهم بأنفسهم، وبجمع الثروات بأي وسيلة، والاستيلاء على المال العام وظلم العباد.
وعلى الحاكم أن يستشير أهل الحل والعقد والخبرة في كل تخصص، فيما ليس لله تعالى فيه حكم شرعي، ولا يجوز له أن يستأثر برأيه، ليرى الحاكم بأعين من يستشيرهم لا بعينيه وحده، وعند ذلك يكون رأيهم إلى الصواب أقرب، ولتتحمل الأمة معه المسئولية. فقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستشير أصحابه فيما ليس لله فيه نص كتاب. قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِن اللَّهِ لِنْتَ لَهُم وَلَو كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُم وَاسْتَغْفِر لَهُم وَشَاوِرْهُم في الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ} وسمى القرآن الكريم سورة من سوره باسم سورة "الشورى" وقد وصف الله تعالى فيها المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم. قال تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِم وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُم شُورَى بَيْنَهُم وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنْفِقُونَ} . عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . والشورى ملزمة للحاكم . كما ذهب إلى ذلك جمع من العلماء رحمهم الله.
ولما كان عدل الحكام شاقا على النفس البشرية لأن الحاكم توافرت له أسباب الظلم والطغيان والسلطان والمال وانصياع الناس له ونزولهم على رأيه ينفذون ما يريد رغبة في دنياه كما أن عدله يفوت عليه وعلى ذويه ومن حوله كثيرا من المنافع المادية وكل هذا يدعوه إلى الطغيان والظلم إذا لم يوجد إيمان صحيح يهذب النفس ويقومها. كما أن الثمار الناشئة عن عدل الحكام عظيمة فبصلاحه وعدله ينصلح العباد وتحيا البلاد وكما قالوا: ( لناس على دين ملوكهم )
وعلى الشعب الموريتاني أن يفقه أن الحاكم ليس معصوما من الخطأ لذلك وجب على الأمة أن تنصحه وتراقبه وتحاسبه إن أخطأ ويعزل إن ارتكب ما يستوجب العزل.