“إعدام المسيء إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ”بقلم المختار الشيخ ولد صيبوط

اثنين, 11/21/2016 - 17:01

من المعلوم أن للنبي صلى الله عليه وسلم في قلوبنا منزلة عظيمة ، فهو صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أولادنا وأزواجنا، وآبائنا وأمهاتنا، بل وأنفسنا.

ففي “الصحيحين” من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين))، ومع ذلك رأينا في هذا الزمان من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وصفه الله في كتابه فقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال عنه عز وجل: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

وسب النبي صلى الله عليه وسلم الصادر من المسلم ردة عن الإسلام، وخروج عن الملة، فمن صرح بسب النبي صلى الله عليه وسلم يجب قتله، ويسقط القتل بالإسلام؛ (أي: أسلم بعدما سب النبي صلى الله عليه وسلم)، وكذلك الحكم فيما لو عرض المسلم بالسب، فإنه يجب قتله بدون استتابة – وهذا قول ابن القاسم، وروي عن الأوزاعي ومالك أنه يعتبر ردة يستتاب منها؛ (فتح الباري: 12/ 348)، (تبصرة الحكام: 2/ 212).

• قال محمد بن سحنون رحمه الله تعالى -:

“أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جارٍ عليه بعذاب الله”.

• وذكر القاضي عياض في كتابه “الشفا بتعريف حقوق المصطفى” في معرض بيانه لحد السب والاستهزاء والتنقيص فقال: “كل من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصًا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خَصلة من خصاله، أو عرَّض به، أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له، وكذلك من لعنه أو ادعى عليه أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام، أو عيَّره بشيء مما يجري عليه من البلاء أو المحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه – فإنه يكفر، وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هلم جرًّا”

• وقال ابن المنذر – رحمه الله تعالى -: “أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القتل، وممن قال ذلك: مالك والليث وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي”؛ (تفسير القرطبي: 4/ 432).

• ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية:

“أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم، مما هو قذف صريح: كفر باتفاق العلماء، فلو تاب لم يسقط عنه القتل؛ لأن حد قذفه القتل، وحد القذف لا يسقط بالتوبة”؛ (فتح الباري شرح صحيح البخاري: 12/ 348).

• وقد جاء في “سنن أبي داود” عن ابن عباس رضي الله عنهما:

“أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: “فلما كانت ذات ليلة، جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها، واتكأ عليها، فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم.

فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس، فقال: ((أنشد الله رجلًا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام))، فقام الأعمى يتخطى الناس، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا اشهدوا أن دمَها هدَرٌ)).

هل تقبل توبة من سب الله عز وجل، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم؟

• اختلف في ذلك على قولين:

القول الأول: أنها لا تقبل توبة من سب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو المشهور عند الحنابلة، بل يقتل كافرًا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، ويدفن في محلٍّ بعيد عن قبور المسلمين.

القول الثاني: أنها تقبل توبة من سب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، إذا علمنا صدق توبته إلى الله، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة؛ كقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 53]، ومن الكفار من يسبون الله، ومع ذلك تقبل توبتهم، وهذا هو الصحيح، إلا أن ساب الرسول صلى الله عليه وسلم لا تقبل توبته، ويجب قتله، بخلاف من سب الله فإنه تقبل توبته ولا يقتل؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد، بأنه يغفر الذنوب جميعًا، أما ساب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يتعلق به أمران:

أحدهما: أمر شرعي؛ لكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يقبل إذا تاب، الثاني: أمر شخصي، وهذا لا تقبل التوبة فيه؛ لكونه حق آدمي لم يعلم عفوه عنه، وعلى هذا فيقتل، ولكن إذا قتل، غسلناه، وكفناه، وصلينا عليه، ودفناه مع المسلمين.

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ألف كتابًا في ذلك، اسمه: “الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول”؛ وذلك لأنه استهان بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذا لو قذفه، فإنه يقتل ولا يجلد.
على رئيس الجمهورية أن يطبق الحد و يدافع عن سيد الأنام عليه الصلاة و السلام إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وعليه أن يفقه أن منظمات حقوق الإنسان لا تغنيه ولن تحميه يوم الوعيد .

فيديو